الاثنين، 5 مايو 2008

المقال الأزمة لفهمي هويدي في جريدة الدستور

المقال الأزمة لفهمي هويدي في جريدة الدستور اليومية الذي تسبب في تعطيل طبع عدد الجريدة ومنه نقرأ:
لم أفهم لماذا هذا الفزع الحاصل من جانب السلطة وأبواقها من دعوات الإضراب والاحتجاج السلمي التي تطلق في مصر؟ واستغرب تلك الحملات التي تشنها المنابر الإعلامية ضد الشبان والمجموعات التي دعت للإضراب وأيدته، إلي الحد الذي دعا أحد مسئولي الصحف القومية إلي وصف أولئك الشبان بأنهم منحرفون.. وأن آباءهم لم يحسنوا تربيتهم .أما ما استغربت له بدرجة أكبر أن يزايد علي الجميع في التسفيه والتنديد نفر من محترفي السياسة الذين تحتضنهم الحكومة في الكواليس طيلة الصباح، وتسمح لهم بالجلوس في مقاعد المعارضة في المساء، حتي أصبحوا معارضين لبعض الوقت، وخارج مواعيد العمل الرسمية فقط.. وقد أبرزت إحدي الصحف عنوانًا لأحدهم قال فيه : إن دعاة الإضراب "شوية عيال لا سعة" صحيح إنهم عيال الله.. لكنهم يظلون أشرف من عيال الحكومة.لم يقف الأمر عند حد التنديد والاتهام والتسفيه وإنما وجدنا أصواتًا عديدة من بين أصحاب الرأي -للأسف- ما برحت تحرض الحكومة علي التدخل لإغلاق مواقع الإنترنت وقمع المدونين، بحجة أنهم يدعون إلي الفتنة وإشاعة الفوضي في البلد.. وذهب نفر من هؤلاء إلي حد انتقاد أجهزة الأمن الآن لأنها "تهاونت" كثيرًا مع أولئك الشبان، في دعوة مبطنة إلي ضرورة المسارعة إلي قمعهم وضربهم بيد من حديد.مادام هؤلاء "شوية عيال" فلماذا فزع السلطة من دعوتهم إذن؟ لماذا الهجوم علي أشخاصهم والمطالبة بتأديبهم، وإلقاء القبض علي بعضهم، وحشد آلاف الجنود في ميادين المدن الكبري لتخويف الناس من التضامن معهم ؟ ولماذا تصب أبواق السلطة جام غضبها عليهم، وتوظف الصحف القومية وبرامج التليفزيون الرسمي لتشويه صورتهم وتعبئة المجتمع ضدهم؟أحد أمرين ، إما أن يكون هؤلاء من القوة بحيث أخافوا السلطة وأثاروا قلقها، وإما أن تكون السلطة من الضعف والوهن، بحيث اهتزت وارتبكت لمجرد انتشار فكرة الإضراب في البلد.رأيي أنه لا هم أقوياء أكثر من اللازم، وإن السلطة ليست بالضعف الذي ظهرت به في إضراب 6 أبريل ، وأن المشكلة الحقيقية التي ترفض السلطة الاعتراف بها ، أن المجتمع مملوء بالسخط والغضب، بدرجة جعلته مستعدًا للاستجابة لأي دعوة للإضراب أو التظاهر ضد الحكومة.يقولون إنهم شبان مجهولون لا هوية سياسية لهم، ورأيي أن ذلك لا ينتقص شيئًا من قدرهم ، خصوصًا أن مواقف أكثر المعروفين لا تسر ولا تشرف.. وما يهمنا فيهم أمرين: أولهما صدق تعبيرهم عن الضمير المصري، وثانيهما: صفاء هويتهم الوطنية.. بكلام آخر، فالسؤال المهم ليس من يكونون؟ ولكنه أين يقفون؟يقولون أيضًا إن أهدافهم غير واضحة.. وهي ملاحظة غير مفهومة، لأنهم يريدون أن يبعثوا إلي كل من يهمه الأمر برسالة تقول إننا غاضبون وغير راضيين عن السياسات القائمة التي أوصلتنا إلي ما وصلنا إليه.. هي رسالة لا لبس فيها ولا غموض.. وإذا تذكرنا أنهم لا يشكلون جماعة واحدة أو فصيلاً سياسيًا، إنما كل ما يجمع بينهم هو محبة هذا البلد والغيرة عليه والغضب لكرامته، فليس من الإنصاف أن يطالبوا ببرنامج لخطوات الإصلاح ووسائله، إذ تلك مسئولية الأحزاب السياسية بالدرجة الأولي.أسخف ما قرأته في اتهاماتهم أنهم يدعون إلي الفوضى والعنف، في حين أن ما يدعون إليه لا يتجاوز حدود الإضراب السلمي والقانوني، ولكن تجربة المحلة الكبرى بينت أن الشرطة وجناح البلطجية التابع لها هو الذي يحرض علي إثارة الفوضى، لاتخاذها ذريعة لإلقاء القبض علي المحتجين والتنكيل بهم، بالمحاكمة والسجن.هذه المرة دعوا إلي البقاء في البيوت وإلي ارتداء ثياب بلون معين، والي الصلاة في المساجد والكنائس والدعوة إلي الله لكي يفرج الكرب ويزيل الغمة، كما دعوا إلي الصيام الذي يتمني العافية للوطن.. وإذا اعتبر ذلك كله دعوة إلي الفوضى، فإننا نجد أنفسنا مضطرين للحفاوة بها والترحيب بتجلياتها

ليست هناك تعليقات: