الثلاثاء، 29 يوليو 2008

علي رأي المثل! ابراهيم عيسى

يعاني النظام في مصر فصام الشخصية وازدواج المعايير، فإذا طلب صندوق النقد الدولي من الحكومة مجموعة من الإجراءات الاقتصادية، وإذا اشترط البنك الدولي أو منظمة التجارة العالمية أو الشراكة الأوروبية عددًا من الشروط سواء خصخصة البنوك وبيع القطاع العام، أو تعويم العملة الوطنية، سارع النظام لتنفيذ هذه الشروط بكل سرعة ولهفة أحياناً (إلي حد هذا النهب الذي جري في بيع القطاع العام والذي لا يعلم أحد كم هي حصيلة بيعه بالضبط، ومن الذي حدد أسعار البيع، ومن حصل علي أمواله، وكيف صرفناها؟) ومع ذلك وبرغم كل هذا فإن أحدًا لم يخرج علينا من الحكومة ورجالها أو حزبها الحاكم أو أحزابها المعارضة (وكلها معينة ومن النوع الحكومي والملاكي للدولة) ليقول إن هذا بمثابة التدخل في سياسة الدولة وسيادتها، لم نسمع ذلك ولم نشهده من مسئول، ولم نقرأ تصريحًا بهذا المعني لواحد من إياهم في بلاط الحكم ورصيف النظام، لكن عندما تطالب منظمات حقوقية دولية بالإصلاح والديمقراطية، يجروا ويصوتوا ويعملوا علينا وطنيين يرفضون التدخل!! وعندما يشير الرئيس الأمريكي بوش إلي ضرورة قيام مصر بخطوات في طريق الإصلاح الديمقراطي والإفراج عن المعتقلين السياسيين ينتفض الحكم في مصر، ويرفض قال إيه التدخل في شئون مصر!! ويخرج علينا منافقون وآفاقون يتحدثون عن رفضهم الديمقراطية المستوردة كأن هناك ديمقراطية صناعة محلية أو تقفيل مصري وهناك ديمقراطية مستوردة وهو الضلال التام والتزييف المطلق، فالديمقراطية واحدة لا لبس فيها، هي انتخابات حرة نزيهة (مش بتاعة الحاجة نزيهة إياها التي زورت ودنست كل انتخابات مصرية) وتداول سلطة وانتخاب رئيس بين أكثر من مرشح (مش كده وكده ومادة تفصيل من أجل الرئيس وابنه)، ومدتان فقط لولاية الرئيس وحق تكوين الأحزاب بشكل كامل ومطلق، وإصدار الصحف بدون أي قيد وليس بتصريح من جهات حكومية وبموافقات أمنية، هذه هي الديمقراطية في أي مكان في العالم، لكن خلط الحقائق بالمصالح علي طريقة المزاعم التي نسمعها هذه الأيام عن الديمقراطية المستوردة والمحلية فهو إفك وبهتان وتلفيق وتزوير، ينطبق عليها بيت شعر أمير الشعراء أحمد بك شوقي (وإذ مُلئت لك الدنيا نفاقًا / وضاقت بالغباوة والتغابي) حقًا فنحن مجتمع تقديس الحكام وتأليه الرؤساء والسجود للسادة والنوم عند أقدام السلطة، ومن ثم يخرج علينا زبانية الحكومة والمعارضة بلعبة وتمثيلية لتجميل الاستبداد وتبرير الفساد بحجة رفض التدخل الأجنبي في سيادة الدولة، وهي التي يتدخل في سياستها طلبات إسرائيل ورغبات تل أبيب وتعليمات أمريكا وسياسات المؤسسات الدولية المتحكمة في امخاخ أمانة السياسات وقواعد الفيفا وشروط الاتحاد الأوروبي، كل شيء في مصر يتم التدخل الأجنبي فيه حتي مكونات المنسوجات في مصانع الغزل والنسيج وحتي مواصفات البطاطس المصرية التي يتم تصديرها لأوروبا ونظامنا يقبل كل هذه الشروط والاشتراطات ما عدا الديمقراطية، وإلا حقوق الإنسان!! لكن تعمل إيه لقد تحولت مصر إلي بلد يختلط فيه كل شيء علي رأي المثل اللي اتلسع من الشوربة ميحدفش الناس بالطوب!!

ليست هناك تعليقات: